لقد اقتدى الصحابة رضي الله عنهم برسول الله في شكر أهل الفضل والثناء عليهم وتقديرهم، ومن الأحاديث الواردة في ذلك ما أخرجه أبو عيسى الترمذي وأبو داود رحمهما الله من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال : لما قدم النبي المدينة أتاه المهاجرون فقالوا : يارسول الله ما رأينا قوما أبذل من كثير ، ولا أحسن مواساة من قليل من قوم نزلنا بين أظهرهم، لقد كفونا المؤونة وأشركونا في المهنإ ، حتى لقد خفنا أن يذهبوا بالأجر كله ، فقال النبي : لا، مادعوتم الله لهم وأثنيتم عليهم ( ) .
فهؤلاء المهاجرون يشعرون بفضل الأنصار عليهم رضي الله عنهم جميعا ، فيشكرونهم ويثنون عليهم أمام النبي ، ومن شدة شعورهم بفضلهم عليهم خافوا أن يذهب الأنصار بالأجر كله ، ويبقوا هم بدون أجر ، وهذا يبين لنا اهتمام الصحابة رضي الله عنهم بالثواب الأخروي ، فهم قد بذلوا مافي استطاعتهم من مساعدتهم والثناء عليهم وشكرهم ، ولكنهم يخشون أنه مع ذلك ينقص أجرهم الأخروي ، فأبان لهم النبي أن أجرهم لاينقص ماقاموا بأمرين : الدعاء للمحسنين والثناء عليهم .
تقدير النبي لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما :
لقد كان رسول الله قدوة هذه الأمة في مكارم الأخلاق ، ومما رُوي عنه في تقدير أهل الفضل قوله في أبي بكر الصديق رضي الله عنه " إن أمَنَّ الناس علي في صحبته وماله أبو بكر، ولو كنت متخدا خليلا غير ربي لاتخذت أبا بكر ، ولكن أخوة الإسلام ومودته " أخرجه الإمامان البخاري ومسلم ( ) .
وقوله في عمر بن الخطاب رضي الله عنه " قد كان يكون في الأمم قبلكم مُحَدَّثون ( ) فإن يكن في أمتي منهم أحد فإن عمر بن الخطاب منهم " أخرجه الإمامان البخاري ومسلم واللفظ لمسلم ( ) .
ولقد روي عن الصحابة رضي الله عنهم في ذلك أخبار كثيرة .
ومن ذلك ما أخرجه الإمام البخاري من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه قال : كنت جالسًا عند النبي إذ أقبل أبو بكر آخذًا بطرف ثوبه حتى أبدى عن ركبته ، فقال النبي أما صاحبكم فقد غامر ( ) ، فسلَّم وقال : يارسول الله إني كان بيني وبين ابن الخطاب شيء فأسرعت إليه ثم ندمت ، فسألته أن يغفر لي فأبى علي فأقبلت إليك ، قال : يغفر الله لك يا أبا بكر ( ثلاثا ) ، ثم إن عمر ندم فأتى منـزل أبي بكر فسأل : أَثَمَّ أبو بكر ؟ فقالوا : لا ، فأتى إلى النبي فجعل وجه النبي يتمعَّر ( ) ، حتى أشفق أبو بكر فجثا على ركبتيه فقال : يارسول الله والله أنا كنت أظلم ( مرتين ) ، فقال النبي : إن الله بعثني إليكم فقلتم : كذبتَ وقال أبو بكر : صدقتَ ، وواساني بنفسه وماله ، فهل أنتم تاركو لي صاحبي ؟ ( مرتين ) ، فما أُوذي بعدها( ) .
وهذا الإعلان من النبي لفضل أبي بكر رضي الله عنه مع اعترافه بالخطأ دليل على اهتمام النبي بتمييز أهل الفضل والإشادة بهم ليكونوا أعلام هداية في القدوة الحسنة ، فإن الأمة تقاد برجالها الذين يحملون مبادئها ، وليست تقاد بمجرد المبادئ ، ولهذا وغيره من المقاصد العالية ركز النبي في الثناء على أناس معدودين من الصحابة على رأسهم أبو بكر ثم عمر رضي الله عنهما.
وثمت أمر آخر في غاية الأهمية نلاحظه في هذا الخبر ولابد من الإشارة إليه إنصافا لذلك الجيل الراشد واعترافًا بمدى السمو الأخلاقي الذي بلغوه ،وذلك في الوضوح والصراحة ، ثم العفو والتسامح .
إن الأخوة التي بين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما لم تنقص بهذا الخلاف والمغاضبة ، بل زادت قوة ومتانة بما يتبعها من العفو والتسامح ، بينما نجد أبناء الدنيا على غير هذه الشاكلة .. تحامل في القلوب ، وأحقاد وضغائن في الخفاء ، ومداراة وبشاشة في العلانية ، وظهور بوجه أمام بعض الناس وبوجه آخر أمام الآخرين ممن يخالفون الصنف الأول في المعتقد والرأي ، يحاولون بذلك كسب رِضَى الناس جميعا عنهم ، ولو كانوا متباينين في العقيدة التي يترتب عليها الحب والبغض أو يحاولون الكسب الدنيوي من وراء أعمالهم هذه ، وهؤلاء هم الذين عناهم النبي بقوله " تجد من شر الناس يوم القيامة ذا الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه " أخرجه الإمامان البخاري ومسلم ( ) .
فهؤلاء المهاجرون يشعرون بفضل الأنصار عليهم رضي الله عنهم جميعا ، فيشكرونهم ويثنون عليهم أمام النبي ، ومن شدة شعورهم بفضلهم عليهم خافوا أن يذهب الأنصار بالأجر كله ، ويبقوا هم بدون أجر ، وهذا يبين لنا اهتمام الصحابة رضي الله عنهم بالثواب الأخروي ، فهم قد بذلوا مافي استطاعتهم من مساعدتهم والثناء عليهم وشكرهم ، ولكنهم يخشون أنه مع ذلك ينقص أجرهم الأخروي ، فأبان لهم النبي أن أجرهم لاينقص ماقاموا بأمرين : الدعاء للمحسنين والثناء عليهم .
تقدير النبي لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما :
لقد كان رسول الله قدوة هذه الأمة في مكارم الأخلاق ، ومما رُوي عنه في تقدير أهل الفضل قوله في أبي بكر الصديق رضي الله عنه " إن أمَنَّ الناس علي في صحبته وماله أبو بكر، ولو كنت متخدا خليلا غير ربي لاتخذت أبا بكر ، ولكن أخوة الإسلام ومودته " أخرجه الإمامان البخاري ومسلم ( ) .
وقوله في عمر بن الخطاب رضي الله عنه " قد كان يكون في الأمم قبلكم مُحَدَّثون ( ) فإن يكن في أمتي منهم أحد فإن عمر بن الخطاب منهم " أخرجه الإمامان البخاري ومسلم واللفظ لمسلم ( ) .
ولقد روي عن الصحابة رضي الله عنهم في ذلك أخبار كثيرة .
ومن ذلك ما أخرجه الإمام البخاري من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه قال : كنت جالسًا عند النبي إذ أقبل أبو بكر آخذًا بطرف ثوبه حتى أبدى عن ركبته ، فقال النبي أما صاحبكم فقد غامر ( ) ، فسلَّم وقال : يارسول الله إني كان بيني وبين ابن الخطاب شيء فأسرعت إليه ثم ندمت ، فسألته أن يغفر لي فأبى علي فأقبلت إليك ، قال : يغفر الله لك يا أبا بكر ( ثلاثا ) ، ثم إن عمر ندم فأتى منـزل أبي بكر فسأل : أَثَمَّ أبو بكر ؟ فقالوا : لا ، فأتى إلى النبي فجعل وجه النبي يتمعَّر ( ) ، حتى أشفق أبو بكر فجثا على ركبتيه فقال : يارسول الله والله أنا كنت أظلم ( مرتين ) ، فقال النبي : إن الله بعثني إليكم فقلتم : كذبتَ وقال أبو بكر : صدقتَ ، وواساني بنفسه وماله ، فهل أنتم تاركو لي صاحبي ؟ ( مرتين ) ، فما أُوذي بعدها( ) .
وهذا الإعلان من النبي لفضل أبي بكر رضي الله عنه مع اعترافه بالخطأ دليل على اهتمام النبي بتمييز أهل الفضل والإشادة بهم ليكونوا أعلام هداية في القدوة الحسنة ، فإن الأمة تقاد برجالها الذين يحملون مبادئها ، وليست تقاد بمجرد المبادئ ، ولهذا وغيره من المقاصد العالية ركز النبي في الثناء على أناس معدودين من الصحابة على رأسهم أبو بكر ثم عمر رضي الله عنهما.
وثمت أمر آخر في غاية الأهمية نلاحظه في هذا الخبر ولابد من الإشارة إليه إنصافا لذلك الجيل الراشد واعترافًا بمدى السمو الأخلاقي الذي بلغوه ،وذلك في الوضوح والصراحة ، ثم العفو والتسامح .
إن الأخوة التي بين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما لم تنقص بهذا الخلاف والمغاضبة ، بل زادت قوة ومتانة بما يتبعها من العفو والتسامح ، بينما نجد أبناء الدنيا على غير هذه الشاكلة .. تحامل في القلوب ، وأحقاد وضغائن في الخفاء ، ومداراة وبشاشة في العلانية ، وظهور بوجه أمام بعض الناس وبوجه آخر أمام الآخرين ممن يخالفون الصنف الأول في المعتقد والرأي ، يحاولون بذلك كسب رِضَى الناس جميعا عنهم ، ولو كانوا متباينين في العقيدة التي يترتب عليها الحب والبغض أو يحاولون الكسب الدنيوي من وراء أعمالهم هذه ، وهؤلاء هم الذين عناهم النبي بقوله " تجد من شر الناس يوم القيامة ذا الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه " أخرجه الإمامان البخاري ومسلم ( ) .